شائت الصدفة (أو الأشهر القمرية) في أن تجتمع مناسبتان دينيتان في نفس الوقت من العام , الأولى هي ميلاد يسوع الناصري عند المسيحيين و المطلق عليها بال"كريسماس" , بينما الثانية هي الأيام العشر الأولى من محرم عند الشيعة و المعروفة ب"عاشوراء" و ذكرى مقتل حفيد الرسول محمد (ليس الحفيد صدام حسين او حفيده الآخر حسني مبارك) بل حفيده المباشر حسين بن علي بن ابي طالب.0
-
الجدير هنا بالذكر أن الدستور الكويتي , على كل التناقضات التي تشوبه و دس العسل على السم , يسمح لهاتين الطائفتين اقامة شعائرهما الدينية على اراضي الكويت على الرغم من الغالبية الوهابية التي تشكل قرابة 80 بالمائة من الشعب الكويتي و كذلك الأغلبية النيابية في مجلس الامة الكويتي الديموقراطي التي تؤمن بدستور محمد بن عبد الوهاب على أي دستور وضعي آخر. وليس ذلك فقط بل أن الحكومة الكويتية قد سخرت امكانياتها من رجال الأمن و المرور لكي تنظم تلك المناسبتان من غير أي مشاكل . 0
-
لذلك على الرغم من اختلافنا المعتقدي مع كلا الطائفتان المعنيان , الا ان الكويت نوعا ما لا زالت ملتزمة رغما عنها باحترام شعائر معتقدات أخرى غير الوهابية و هو أمر ايجابي قد لا يتكرر في أعوام مقبلة . حتى و ان كان المسيحيون و الشيعه مرتبطان بتاريخ الكويت منذ القدم . فكلنا نعلم كيف وقف المجلس البلدي في وجه بناء معابد للبهرة او منع بناء كنائس جديدة كون القديمة لا تستوعب الكم الهائل من الزوار و هو أمر يبعث بالخزي .0
-
حديثا عن الكريسماس و عاشوراء , فقد لاحظت تشابه الخطاب الديني في كلاهما خصوصا في الجزئية التي تتكلم عن مفهوم "مخلص البشرية" , و قد لاحظت اقتباس الشيعة من المفاهيم الكاثوليكية و كيف اصبح بعض الملالي المعممين يتكلمون عن أن الحسين يغسل الذنوب و يمحو الخطايا !و للأسف أن جهل الغالبية باللغة الأنجليزية أو ضعف اطلاعهم بالأديان الأخرى قد جعلتهم فريسه لتلك الخطابات الغير مبتكرة ..0
-
و لكن من ناحية المضمون فشتان ما بين المناسبتين , فالكريسماس مناسبة يتخللها الغناء و الفرح و الرقص و الاحتفال و الهدايا , بينما عاشوراء مناسبة يتخللها النواح و اللطم و الضرب و الدموع و الحزن . الكريسماس مناسبة لا تعترف بالمفهوم الصحراوي الذي يفصل الذكر عن الأنثى , الابتسام و الضحك تجدها في وجوه الكل بينما عاشوراء تشاهد البشر متشحين بالسواد ووجوههم مكهفره من الدموع , فكيف لا ترجح كفة المسيحيين و تزداد قدرتهم على مواجهة مصاعب الحياة !0
-
الفطرة الانسانية السليمة تحب الفرحة , و انا لم و لن اقف يوما ضد مناسبة دينية ان كانت متعلقة بالسرور و البهجة , فمثلا عيد الفطر و عيد الاضحى عن المسلمين هما مناسبتان ايجابيتان على عكس المناسبات الأخرى و التي تتسم بازدياد التطرف و القمع و التكسب الديني من غير ذكر اسماء. و من المؤسف أن الكويت في وقت الأعياد تتحول الى بلد أشباح بسبب العبث الذي يمارسه اعداء الحريات .0
-
و في تلك المناسبة لا يسعني سوى ان اتمنى للكويت أن تعود منارة حقيقية للازدهار و الانفتاح و ان لا تشد قبضة يد الاسلاميين اكثر فأكثر من الآن عليها و نصبح مثل الدمام أو اي مدينة سعودية اخرى , و كل عام و الجميع بخير.0