هناك الكثير من النظريات التي تقول بأن الأديان مجرد خرافات , خصوصا بعد الاكتشافات العلمية التي تعزز نظريات التطور لدارون و الإنفجار الكبير . سواء اختلفنا أو اتفقنا مع هذه النظريات , تبقى الأديان هي الوسيلة الأقوى للتحكم بالشعوب و تسييرها حسب المشتهى , و لذلك أي دعوة لفصل الأديان عن الدولة سوف تدق ناقوس الخطر لدى النخبة الأقلية , التي تتحكم بعامة الشعب خصوصا الطبقات الدنيا منها .0
-
لا شك من أن الأديان قد ساهمت في تعزيز الطبقية بدلا من أن تلغيها , ففي القرون الوسطى كان هناك تعايش بين الكنيسة و القصر الملكي , فكلاهما يشتقان القوانين من بعضهما البعض . و لا يختلف الإسلام عن بقية الأديان من تعزيز الطبقية , كون طاعة الحاكم أو ولي الأمر واجبة و من غير محاسبة . في موضوعي هذا سوف أستعرض دور الطبقية في التاريخ الإسلامي من قبل البعثة النبوية إلى يومنا الحاضر بكل حيادية و شفافية , و أحذر بعض القراء من أنني سأزيل هالة القدسية عن بعض الشخصيات منهم النبي محمد و الصحابة .0
-
بداية الصعود
-
أدرك محمد بأن نسله المعروف في" بكه" لن يكون كفيلا لإنجاح رسالته و لذلك كخطوة أولية للارتقاء قام محمد بالزواج من التاجرة "الملف" خديجة (و يقولون أن المرأة لم تكن لها مكانة في الجاهلية) .استغل محمد أموال خديجة و معارفها (ورقة بن نوفل ) في صب قالب الدين الجديد و ساعده الحل و الترحال في التعرف على الأديان الأخرى و استنباطه لما هو مؤثر منها كما هو واضح .0
-
أثناء البعثة
-
لم يرغب محمد في معاداة وجهاء" بكة" (كل ما أكتب" بكة" يغيرها برنامج الوورد إلى أسمها الجديد "مكة" ! حتى الوورد لم يسلم من التدليس الفاشي) و استغل دهاءه في كسبهم واحدا تلو الآخر عن طريق أطلاق تسمية "المؤلفة قلوبهم" عليهم . و على النقيض قام قثم ابن عبد اللات "المعصوم" بإدارة ظهره للأعمى المسكين في حادثة مذكورة في كتاب المسلمين . أما" ولد الجخ" أبو سفيان الذي كان العدو رقم واحد لقثم و رسالته فقد تحصل على احترام كبير من محمد حتى بعد فتح بكة عندما عفا عنه وفق المقولة الشهيرة "اذهبوا فانتم الطلقاء" . بينما "العلوج" من أعداء محمد فقد تم تصفيتهم واحدا تلو الآخر و منهم شاعرة تيتم أولادها .0
-
ما بعد موت محمد
-
أبن عم محمد علي بن أبا طالب و أبناءه لم يتمتعوا بالذكاء و الدهاء الذي كان عند محمد , و لم يدركوا دور الطبقية الأقوى من العقيدة ,فوقفوا بوجه ذرية المخملي أبو سفيان و النتيجة أنهم تقتلوا و تشردوا في حادثة تبكي و تلطم عليها طائفة من المسلمين في نفس الوقت من كل عام هجري . أما أبناء ضاحية "بيفيرلي هيلز" مثل معاوية و من أتى بعده فقد تربعوا على عرش الخلافة الإسلامية لمئات السنين .0
-
يومنا الحاضر
-
في الزمن الحالي الذي يعتبر زمن الصحوة الدينية , نلاحظ أن أكثر المتأثرين في هذه الصحوة هم من الطبقات الدنيا , كلما ازداد فقر الأسرة كلما زاد تدينها بشكل طردي , أكبر دليل على ذلك هي زيادة نسبة المحجبات و المنقبات في الطبقات الدنيا دون غيرها .أما الأغنياء فعلى الرغم من قلة المحجبات بين نسائهم , إلا أنهم مشاركين في هذه المؤامرة بممارستهم للتزييف الدعوجي. فبين الفينة و الفينة تظهر لنا أحد المخمليات "السفور" في وسائل الإعلام و هي مرتدية تنوره ماكس مارا أو كريستيان ديور و من ثم تتكلم عن التمسك بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ! فضلا عن القيم و التقاليد الأصيلة التي أتى بها الأجداد . طيب لم لا تطبقي هذا الكلام على نفسك و عائلتك بالأول؟
-
الإسلام السياسي : على الحفاي فقط
-
نواب مجلس الأمة و غيرهم من المطاوعة يفردون عضلاتهم على عامة الشعب عن طريق منع الحفلات و الضوابط و غيرها , بينما الأغنياء و أصحاب النفوذ يدوسون على هذه الضوابط من غير أن يحاسبهم احد , فالدبلوماسيون مثلا يستطيعون إدخال الخمور إلى البلد , والمتنفذين بإمكانهم إحياء الحفلات في قصورهم الخاصة و شاليهاتهم , مثلما سمعنا مؤخرا عن حضور الراقصة دينا للهز و الرقص في إحدى العروس أو الحفلات الماجنة . حتى المطاوعة يمارسون التقية كما يقول مولانا نوافكو و يستغلون إمكانياتهم المادية و السياسية في عيش نمط حياة غير زاهد و بعيدا عن الانغلاق الديني الذي يدعون إليه , و خير مثال على ذلك هو العثور على النائب وليد الطبطبائي وسط العاريات في شواطئ كانكون بالمكسيك . 0
-
المحصلة
-
لكي نختم موضوعنا أود أن أتساءل بواقعية , هل وقوف تجار الكويت ضد بعض الاقتراحات المتزمتة هو نابع من حرصهم على حريات الشعب أم مجرد لأن هذه الاقتراحات سوف تمس نمط حياتهم الارستقراطي ؟ و هل سكوتهم عن تمرير بعض المشاريع الدينية هو تعزيز للنظرية الطبقية أم هو نفاق هدفه كسب شعبية البسطاء و الساذجين من عامة الشعب ؟ سؤالي الأخير هو لو تم إنشاء هيئة الأمر بالمعروف في الكويت , هل ستكون الشويخ و الضاحية المحطات الأولى لهذه الحملة ؟ أم أن "اللفو" و "البياسرة" من عامة الشعب هو من سيبتلع الخازوق إلى آخره ؟